أخبار رئيسيةتقارير

قبل المهر على الاتّفاق الإطاري..(العدالة)..مخاوف من طمس الأدّلة

الخرطوم: سوداميديا

تعتزم “القوى الموقّعة على الاتّفاق الإطاري” الأثنين بالقصر الرئاسي الإجابة على الأسئلة بشأن مصير العدالة بطرح العدالة الانتقالية للخروج من المأزق، في بلد يخطّط لبناء مؤسسات قضائية بناءًعلى هذا الاتّفاق.

 

بعد ثلاثة عقود من الانتهاكات التي ارتكبها النظام السابق في ثلاثين عامًا، علاوة على الانتهاكات التي وقعت بعد 11 أبريل 2019 وانتهاكات ما بعد انقلاب 25 أكتوبر 2021 لا يزال السودانيون يأملون في عدالة تُنصف الضحايا وعائلاتهم.

بينما يقول مناهضو الاتّفاق الإطاري إنّ هذا الملف لم يكن مطروحًا على طاولة النقاشات بين المجموعات السياسية والعسكريين “بشكل عميق” وتعرّض للتأثير السياسي بغرض المساومة.

العدالة لا تُطلب

وتطرح قِوى الحُرية والتّغيير “المجلس المركزي” العدالة الانتقالية للخروج من هذا المأزق كما صرح متحدثها الرسمي جعفر حسن قبل أسبوعين مدافعًا عن اتّفاق مرتقب مع الجيش فيما يبدو هذا الملف غير محسومًا بين الأطراف العسكرية والسياسية التي تستعدً للتوقيع على الإعلان الدستوري خلال هذا الشهر على أقل تقدير.

ويرفض المتظاهرون الاتّفاق مع العسكريين ويقولون إنّ العملية السياسية يجب أنّ تكون العدالة من أولوياتها لذلك لا يمكن الاتّفاق مع القادة العسكريين الحاليين.

وقال عضو تنسيقيات مقاومة مدينة الخرطوم المعز لدين الله محمد في تصريح لـ”سوداميديا”:” نحن نبحث عن العدالة لا السلطة السياسية إذا تحققّت العدالة ستكون السلطة الانتقالية في وضعٍ أفضل لا يمكن القفز على المراحل بحجة تحقيق الاستقرار، لأنّ الأخير يحدث عبر العدالة لأنّها لا تٌطلب بل تنفذّ عبر مؤسسات قضائية غير خاضعة لسلطة الدولة”.

وأوضح محمد، أنّ التأثير السياسي على العدالة تبتدره الأحزاب السياسية على مرّ السنوات لذلك جاءت ثورة ديسمبر لوضع حد لهذا التفكير السائد داخل “النادي السياسي القديم”.

وتابع”لدينا قضايا ماثلة أمامنا الآن أبرزها فضّ الاعتصام أمام القيادة العامة والانتهاكات التي وقعت قبل وبعد الانقلاب العسكري في 25 أكتوبر 2021″.

ولم تكشف “الحرية والتغيير – المجلس المركزي” خطتها بشأن العدالة الانتقالية عدا تصريح مقتضب لمتحدثها جعفر حسن الذي قال إن الأمر لو اقتضى الذهاب إلى مناطق الضحايا سنذهب في إشارة إلى ضحايا الانتهاكات في إقليم دارفور والنيل الأزرق وجنوب كردفان وهي مناطق شهدت الحرب الأهلية.

صلاحيات رئيس الوزراء

بينما يؤكّد الأمين العام للجنة التسييرية لنقابة المحامين وهي اللجنة التي صاغت الإعلان الدستوري – المحامي الطيب العباس في تصريح خاص لـ”سوداميديا” إنّ العدالة الانتقالية “بند أساسي” في مشروع الإعلان الدستوري.

ويشرح العباس الموضوع المتعلق بالعدالة الانتقالية، لافتاً إلى أنّ الإجراءات تشمل الاعتراف والحقيقة والمصالحة بعد توجيه الاتّهامات رسميًا ومن ثمّ الطرد من الخدمة إذا كان المشمولين بالعدالة الانتقالية يتقلّدون مناصب في الدولة.

ويوضح العباس أنّ مشروع الإعلان الدستوري منح صلاحيات لرئيس الوزراء بشأن قضية فض الاعتصام أمام القيادة العامة بالسماح له بتعيين أشخاص جدد أو تغيير أعضاء لجنة التحقيق ووضع جداول زمنية لتسليم النتائج.

بالنسبة لآلاف المحتجين فإن الانتهاكات التي وقعت قبل وبعد الانقلاب العسكري في السودان غير مطروحة للمساومة فالمطالب تتركز على ذهاب المكون العسكري بالكامل وسط واقع سياسي وأمني معقد في ظل تعدد الجيوش والجماعات المسلحة.

تثير مخاوف “طمس الأدلة” في الانتهاكات التي وقعت بعد وقبل الانقلاب العسكري مخاوف جماعات حقوقية في هذا البلد الذي لم يجرب تطبيق العدالة منذ الاستقلال كما يقول مراقبون.

إضعاف العدالة

وفيما يتمسك المحتجون بالإنصاف والتحقيقات الشفافية بشأن “مجزرة القيادة العامة” التي وقعت في الثالث من يونيو 2019 حينما داهمت قوات عسكرية اعتصاما مدنيا لآلاف المتظاهرين الذين كانوا يطالبون بالسلطة المدنية الكاملة فإنّ الانتهاكات التي وقعت بعد الانقلاب لا تقلّ خطورةً عن قضية فضّ الاعتصام.

ويشير المحلل القانوني عمرو كمال في تصريح لـ”سوداميديا” : إلى أن الانتهاكات التي وقعت بعد الانقلاب لا تقل خطورة عن قضية فضّ الاعتصام قرب القيادة العامة، موضحًا أنّ الحديث عن العدالة الانتقالية يقصد به الاتّفاق السياسي فقط وليس مبدأ تطبيق العدالة.

ويضيف عمرو : “تحقيق العدالة مبدأ مهم خلال الفترة الانتقالية في أي بلد أطاح بالنظام الدكتاتوري لأنّه دون تهيئة الأجواء بشأن إنصاف الضحايا لا يمكن خلق بيئة سياسية ملائمة لتحقيق التحول الديمقراطي”.

فيما يقول المحلل السياسي مصعب عبد الله لـ”سوداميديا” إنّ: العدالة تنفذّ خلال الفترة الانتقالية لتنقية الأجواء وتضييق الخناق بشكل قانوني على القوى المضادة للثورة عادة في البلدان التي تتعرض إلى ثورات شعبية لكن في السودان الواقع معقد”.

ويعتقد عبد الله المحلل أن القوى التي تطالب بالعدالة لا تطرح القضايا بالشكل المطلوب وهي منقسمة وغير قادرة على خلق تأثير كبير بينما يفضل المجتمع الدولي التعامل مع سلطة الأمر الواقع في البلدان الهشة.

ومضى قائلا” العدالة تحتاج إلى حملات مستمرة ومذكرات وتنظيم جيد للأطر القانونية وتقديم حيثيات عبر المدافعين عن حقوق الإنسان، وكل هذه المطلوبات مفقودة لدى مجموعات الحراك السلمي لحداثة التجربة السياسية لديها كما إن الأحزاب لا تتعامل مع العدالة بشكل مبدئي بل تكتيك سياسي بالنسبة لها للوصول إلى السلطة”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى