أخبار رئيسيةإقتصاد

السياسة النقدية والمالية.. خنق الاقتصاد

تقرير ـ رحاب عبدالله

تفاقمت الأوضاع الاقتصادية في السودان بشكل رغم، رغم حديث المسؤولين عن تحسن المؤشرات الاقتصادية من بينها انخفاض معدل التضخم، غير أن قيمة العملة الوطنية مازالت تشهد تراجعا مستمرا إذ يجري تداول الدولار الواحد بنحو 608 جنيها في السوق الموازي”الاسود” ، ودخول معظم الأنشطة التجارية في حالة كساد وركود تضخمي.

ومؤخرا حمل وكيل وزارة المالية والتخطيط الاقتصادي د.محمد بشار، السياسة النقدية مسؤولية الوصول لمرحلة الكساد لارتباطه بالتضخم . وكان حديث الوكيل محل استهجان كثير من المراقبين اذ اعتبروا الحديث بمثابة تخلي عن المسؤولية، ورأى بعضهم ان ذلك يأتي على نسق “الهجوم خير وسيلة للدفاع ” ، وأكدوا أن وزارة المالية تتحمل النصيب الأكبر في وصول الاقتصاد إلى هذه المرحلة.

ولعل معظم خبراء الاقتصاد يعزون تفاقم الأزمة الاقتصادية في السودان إلى الخلل الواضح في السياسة المالية لوزارة المالية والتي أدت إلى تدهور أداء القطاعات الاقتصادية الإنتاجية وزيادة حجم الصرف الحكومي، فضلا عن عدم التناسق مع السياسة النقدية التي يصدرها بنك السودان المركزي.

وأمن الخبير الاقتصادي د.محمد الناير، بأن السياسة النقدية مسؤولة عن حالة الكساد التي تصيب الاقتصاد حاليا، باعتبار ان البنك المركزي هو المسؤول عن السياسة النقدية وضخ العملة او التوازن في الاقتصاد مابين معدل نمو الكتلة النقدية او عرض النقود مقابل المؤشرات الأخرى للحفاظ على معدلات التضخم حتى لا ترتفع وهي موازنة صعبة جدا، لكنه قطع أن هذا الامر لا يعفي وزارة المالية باعتبار انه لابد ان يكون هنالك تنسيق تام بين السياستين المالية والنقدية ،وزاد ” لا يعقل أن تفرض وزارة المالية رسوما وضرائبا لم تحدث في تاريخ السودان”، وأشار في حديثه لـ”سودا ميديا” إلى أنها فُرضت رسوما وضرائبا في 2022 لا حصر لها منها زيادة اسعار الخبز وزيادة الوقود لأكثر من مرة وزيادة أسعار الدواء وزيادة الكهرباء والمياه وزيادة أسعار الغاز ، فهذه زيادات كبيرة جدا فضلا عن القفزة الكبيرة التي حدثت في الدولار الجمركي ،إذ اًن الزيادات هذه أثرت سلبا على مجمل الأوضاع الاقتصادية في البلاد بصورة كبيرة واستمرت حتى مطلع العام الحالي 2023 حتى قبل الموازنة، مضيفا ان هنالك زيادة كبيرة في استخراج الأوراق الثبوتية مثل الجواز والرخصة وترخيص السيارات وغيرها.

وقال إن وزارة المالية مسؤولة بالكامل بجانب البنك المركزي مع الفصل بأن البنك المركزي مسؤولا من السياسات النقدية ووزارة المالية مسؤولة عن السياسات المالية، لكن نبه إلى أنه لابد أن يتم ذلك بتناغم تام وتنسيق بين السياسة النقدية والمالية والا لن تتحقق الاهداف المرجوة ان لم يكن هنالك تنسيق تام ، وشدد على ضرورة المعالجة بصورة سريعة، مستدركا “صحيح ان الناس سعيدة بمؤشرات التضخم والتقارير التي تصدر رغم تحفظنا عليها انها لم تكن بالدقة المطلوبة لعدم وجود مسح حديث لميزانية الأسرة حيث  اعدت آخرها قبل 16 عاما في 2007 ولم يتم تحديثها، بينما تقول المؤشرات العالمية انه يُفترض اي دولة تحدث ميزانية الأسرة كل خمسة سنوات حتى تستطيع الوصول لاوزان السلع والخدمات التي يستخدمها المواطن بصورة دقيقة،وبالتالي يتم حساب التضخم بصورة صحيحة.

واضاف الناير ” لكن رغم سعادة الدولة بهذا الانخفاض الكبير في معدل التضخم اذا سلمنا انه حقيقة ، فبالمقابل هناك خطر دائم للاقتصاد السوداني وهو ما يشهده النشاط التجاري الان من حالة الركود التضخمي غير مسبوق، واردف” لا يوجد أي نشاط تجاري يُذكر الان وبالتالي لديه انعكاسات كبيرة على القطاع الخاص بأكمله من جهة”.

وتوقع الناير اغلاق كثير جدا من المؤسسات وتشريد عدد كبير جدا من العمال، وبالتالي لن تجد الدولة الإيرادات الضريبية التي تصل مجملها حوالي 57.5% من إجمالي الموازنة ،فضلا عن أن الموازنة نفسها متضخمة، وقال”نحن دائما نضرب مثلا ونقول لا يعقل العام الماضي كان جملة الايرادات 2.9 ترليون جنيه وجاءت بعد فرض مزيد من الرسوم والضرائب ،ثم تأتي التقديرات في العام الذي يليه 2023 ليكون 7.3 ترليون يعني زيادة بنسبة 152% عن العام الماضي ،واعتبرها زيادة غير مسبوقة، مشيرا إلى ان معدل نمو الإيرادات في الموازنات بصورة عامة على مستوى العالم يفترض يتراوح ما بين 5-10 او 15% على الأكثر، وشدد على ضرورة التنسيق في السياسات والعمل على تحريك النشاط الاقتصادي في البلاد بصورة اساسية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى